بسم الله الرحمن الرحيم
تجربتي مع المرض
عزيزتي القارئة ..
أحببت في المقدمة أن انوه بنبذة قصيرة قبل التحدث عن رحلة مرضي وتغلبي عليه . أنا انسانة راضية
بقضاء الله وقدره متصالحة مع نفسي والآخرين ولله الحمد ومحبة للمحيطين بي ، عندما اصبت بالمرض
كنت أبلغ من العمر 27 عاماً ، كلي طاقة وحيوية اتمتع بصحة وعافية ولم اشتكي من أي أمراض وكنت من
فترة قصيرة وضعت مولودي الثاني وحاملاً بمولودي الثالث. وبعمل فحص ذاتي اكتشفت وجود كتلة في
الثدي الأيمن ، لم أقلق فقد كنت ارضع ابنتي المولودة حديثاً طبيعياً وحامل بنفس الوقت وعندما ذهبت إلى
الطبيب للإطمئنان فقط ، أكد لي انها ربما كتلة لبنية أو أي شيء آخر غير السرطان مستبعداً ذلك تماماً لأني
أملك كل المقومات التي تبعدني عن هذا المرض الخبيث ، ولكن قرر الطبيب أن يأخذ عينة من الكتلة وحدد
لي موعد في أقرب فرصة وأذكر بأني كنت حامل بالشهور الأولى لا أذكر تحديداً ولكن جاءني اتصال من
شقيقتي وقالت لي اذا تعرضتي للمخدر في الشهور الثلاث الأولى قد يضر بالجنين حتى ولو كان مخدر
موضعي ، عندما سمعت هذا الكلام قررت بعدم الذهاب إلى المستشفى لأخذ العينة فلم أحتمل فكرة أي شيء
قد يضر بالجنين وبالفعل أصريت على عدم الذهاب وضلت اراجع الطبيب وهو يؤكد لي بأنه لايمكن أن
يكون سرطاناً وعندما اتممت شهري السابع من الحمل وافقت عندها أن يأخذوا العينة من تلك الكتلة وخلال
أيام حولت إلى مستشفى الملك فهد التعليمي علماً بأني كنت من سكان الجبيل الصناعية وبالفعل خضعت
للعملية ولكن كان شكل الورم لا يبشر بخير ، فهمت ذلك من تعابير وجه الأطباء وأنا في غرفة العمليات
وقال لي لن أستطيع عمل بنج موضعي لك لابد من مخدر كامل وذلك بسبب ظهور الورم خارج الثدي
فقطلب منه أن يسأل طبيب التخدير إن كان هناك أي خطورة على الجنين فأكد لي طبيب التخدير بأنه لا
خطورة عليه أبدا ولا علي أنا أيضا ، توكلت على الله وتم أخذ العينة مني ونومت بالمشفى ليوم واحد فقط
وبعد أيام جاء زوجي ليخبرني بأنه تم تحويلي للمستشفى التخصصي بالرياض ولسبب هو لا يعمله ، هذا ما
افهمني اياه حينها لعدم ازعاجي بالخَبر وخلال اسبوعين ذهبت لموعدي بالرياض وتم تنويمي في الحال
وكل هذا وأنا في حيرة من أمري ما الذي يحدث !! وأنا فقط على علم بأن المسألة كلها روتينية وكان الجميع
متكتم حيال المسألة وفي يوم ذهب زوجي وأنا مازلت منومة وجاء الطبيب وسأل عن زوجي فأخبرته بأنه
ذهب فهم الطبيب بالخروج من حجرتي ولكني استوقفته وقلت له ي دكتور أنا أريد أن اعرف مابي أشعر
بأن شيء مريب يحدث في تصرفات الجميع ولا أحد يخبرني بأي شيء فمن حقي أن أعرف مابي ، عندها
أجاب الطبيب وقال لي أنا دائما رأيي بأنه من حق المريض أن يعرف مابه ولكن ي ابنتي لقد شخصت
حالتك بانك مصابة بمرض السرطان بنوع نادر لا يأتي إلا 1% من النساء ولكن شاء الله القدير أن تكوني
انتي من اصبت به . ملاحظة : عند سماعي للخبر أقسم بالله العظيم بأنه كما لو أن الطبيب أخبرني بأن لدي
برد وزكمه بسيطة لم أفزع ولم أخف اطلاقاً ولم أكن أعلم سبب تبلدي بهذا الشكل . بالعودة إلى حديثي مع
الطبيب قرر بأن يجب استئصال الثدي في أسرع وقت كونك حامل صعب علينا المسألة فلا نستطيع
اعطاءك العلاج الكيماوي ولا نستطيع أيضاً الانتظار لحين الولادة لابد من الإستئصال فوراً . عندها طلبت
منه عمل مايلزم كطبيب وسألت عن وضع الجنين فأجاب يحفظه الله ولكن الغالب وفي الحالات المشابهة
سوف يموت الجنين أو يولد مبكراً وفي الغالب سوف أفقد الجنين ولكن حتى في هذه اللحظة لم أشعر
بالخوف فتوكلت على الله تعالى ودخلت غرفة العمليات وتم استئصال الثدي بالكامل مع الغدة اللمفاوية .
استيقظت في غرفتي وجهاز تخطيط دقات قلب الجنين على بطني وكل نصف ساعة تأتي ممرضة أو طبيب
ويسألوني ألا تشعري بطلق ويكون جوابي بالنفي وهكذا حتى اتممت ثلاثة أيام وأنا أسأل وأجيب بالنفي
وبعدها زف لي الطبيب خبر تجاوزي مرحلة الخطورة بالنسبة للجنين وأن جنيني بخير ولله الحمد وعندها
أحسست بأن هذه علامة من رب العالمين بأنه أكرمني بأن مولودي بخير وعافية ونسيت تماماً
أمر استئصال الثدي واني اصبحت مشوهة الشكل وفي مكان حساس جداً وأنني لم أبلغ من العمر السابعة
والعشرون عاماً ومتزوجة ، لم أهتم لكل هذا وكان همي بأن جنيني بخير بفضل الله . غادرت المشفى بعد
أسبوعين وأنا بحال أفضل وعدت إلى الجبيل باستقبال حافل من عائلتي وصديقاتي وكان وجودهم العامل
الاول في تجاوزي لهذه المحنة ولكن حملي أصبح متعباً جداً مع ألم العملية وحجمها ، ذهبت للطبيبة و
ترجيتها بإعطائي طلق صناعي لكي أولد بسبب تعبي لم أكن أستطيع الإحتمال أكثر وقد كنت حينها أتممت
شهري التاسع ولله الحمد والجنين ثابت ومقاوم معي بكل ما مررنا به سويا وبالفعل تمت الولادة ولله الحمد
بنجاح ورزقت بابنتي رنا وكان وزنها عند الولادة خمس كيلو ونصف ولله الحمد ولم يصدقوا الأطباء
والممرضات اعينهم بأن الجنين ماشاء الله بصحة وعافية وبهذا الوزن . خرجت من المشفى بعد 3 أيام
وذهبت بعد أسبوعين من ولادتي إلى التخصصي بالرياض لعمل التحاليل والأشعات لأنه كوني حامل لم
يستطيعوا عمل أي شيء سوا الإستئصال وجلست مدة أسبوع وبعدها جاءني الطبيب ليبشرني بأن الورم ولله
الحمد لاينتشر وانتهينا منه تماماً ولن أضطر إلى أن آخذ العلاج الكيميائي أبداً وبأنني سوف أعيش حياة
طبيعية مع أولادي على أن أذهب إلى المستشفى كل ستة أشهر لمدة خمس سنوات وها أنا ذا أكملت ابنتي
السادسة والعشرون من عمرها متخرجة ببكلوريوس آداب انجليزي بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى
وتعمل الآن مديرة في احدى الشركات وكل هاذا بفضل الله تعالى ولله الحمد والمنة ، ومنذ يومها علامات
كثيرة تأتيني من الخالق جل عُلاه بكرمه علي وعلى أبنائي .
هذه قصتي وأتمنى من الله أن ينفع قارئها بالاستفادة من تجربتي وأنه قدر وكتب الله لي وأنا راضية بقضاءه
ولله الحمد .
الكاتبة
هدى عادل يوسف فيصل